زوجي يكذب عليَّ، فهل أطلب الطلاق؟

زوجي يكذب عليَّ، فهل أطلب الطلاق؟



أ. خالد محمد




السؤال
ما زلتُ صغيرةً في العمر، وقد تزوَّجتُ ولي خيالاتي وأحلامي عن الزواج كأي فتاةٍ، اكتشفتُ أنَّ زوجي يَكذِب عليَّ حينما يذهب لمكانٍ ما مثلًا، وأُفاجأُ قدرًا من أهله أنه ذهَب إلى مكانٍ آخر، وحينما أطرحُ عليه السؤالَ بعد رجوعه، يجيب إجابة واحدةً لا تتغير، وعندما أقول له: إنك كنتَ في مكان كذا، يُنكر، ويُكَذِّب ما قاله أهله!
في البداية حينما كنتُ أسأله: متى تعود؟ وأين تذهب؟ يغضب، ويقول: كنتُ قبل الزواج لا أُخبِر أحدًا بمثل هذا، وهذه طبيعتي، فأقول له: أنتَ بعد الزواج ملتزمٌ، وقد ارتبطتَ بي، وأحب أن أطمئنَّ عليك وأنت في الخارج، ولا أقصد تقييدَك!
حين أعلم أنه يكذب أُواجهه وأُناقِشُه بقولي: إنك ترى نفسَك رجلًا، لك الحق في الكذِب، فماذا تفعلُ لو كذبتُ عليك أنا، وفعلتُ مثلما تفعل؟
فيكون جوابه: أنا أختلف عنكِ، بحكم كوني رجلًا!
ودائمًا ما أقول له: اقتُلْ شكوكي، ولا تضخِّمها؛ لأني لا أعرفُ مَن يذهب إليهم، ومَن يجلس معهم، ودائمًا ما يكرر عليَّ مسألة الزواج مِنْ أخرى، فأقول له: إن كنتَ تنوي الزواج، فأرجعني إلى بيتِ أهلي؛ فأنا لم أقصِّرْ معك في شيءٍ، وهو يعترف أني لم أقصرْ، وكلامه مُتناقِضٌ جدًّا، كما أنه بدويٌّ بخيلٌ، ويرى لنفسه الحق في إمتاع نفسه بالخروج مع أصدقائه، وأنا في البيت للطبخ وللنوم فقط!
كنتُ أسكتُ عن أفعاله في بداية زواجي؛ لأني توقعتُ أنها مرحلة وستنقضي، لكنه يُرِيدني هكذا، وأنا لا أعرف الزواج بلا مشاعر، ولا تواصُل، ولا تواد!
مُؤخَّرًا وجدتُ في جوَّاله صورًا، أستحي أن أراها؛ فذهبتُ لمنزل أهلي، وعندما تحدثتُ معه قال لي: إنه أمرٌ تافهٌ، كيف تتوقفين عنده، وهو لا قيمة له؟
أصبح يُحدِّثني عن الثقة والشك، فقلتُ له: كنتُ أثقُ فيك، أمَّا الآن فمِن المستحيل أن أكذِّب عيني، لا تحدِّثني عن الثقة، وعليك أن تُكسِبَني إيَّاها.
فحاوَل أن يلصقَ هذه الأفعال ببعض أقربائِه، ظنًّا منه أني سأُصَدِّقه!
أخيرًا قال لي: عُودي، ولن أعودَ لمثل هذه الأشياء!
فأجبتُه أن هذا يعني أنك أنتَ صاحب هذه الأفعال، فتلعثم وارتبك، وتهرَّب من الإجابة.
لا يُحب النقاش أبدًا، يُريد مني أن أُمَرِّر كل شيء، كذلك لا أجد منه رسائل ولا ليالي رومانسية خاصة بنا، وأنا فتاةٌ أحلم بهذه الأشياء وأريدها، لكنه يَصدِمُني بضحكِه، وكأنها تفاهات!
كلُّ حياتنا نِقاشات وصِراعات وبكاء، لا يستطيع تحمُّل المسؤولية، ودائمًا يغضب إن طلبتُ منه شيئًا، ويحتج بأنه لا يملك المال!
لا يحب أن أسأله: أين تذهب؟ ومتى تعود؟ وهذه ليستْ بحياةٍ، وما زلتُ في بيت أهلي، وتعامله وتصرفه وأسلوبه وقسوته ما زالتْ كما هي.
توقَّعتُ أن يتغيَّر، ويُصبِح أفضل ببُعدِي ويشتاق، ولكني لم أرَ منه شيئًا، بل لا يتصل ولا يحدِّثني، وإن اتَّصَل فإما غاضب، أو يتَّهِمني بعدم الاحترام!
يُرِيد المرأةَ خادمةً، وكأنه ليس عليه واجبات يؤدِّيها، جرَّبتُ معه طرقًا كثيرة، لكنها لم تُجْدِ معه، أُفَكِّر الآن في الطلاق، لكنه ليس حلًّا، وأنا أريدُه لي فقط، وأريد أن أَحْيَا كما أرغبُ، وكما يرغب هو، لا كما يرغب غيرنا.

أرجو منكم المساعدة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب
ابنتي الفاضلة، قرأتُ رسالتَك مرَّات، والحقيقةُ - والحمد لله - أنَّ لديكِ مستوًى طيِّبًا من بُعْد النظر، والدليلُ أنَّكِ تَرفُضِين الطلاق؛ وهذا يدل على تمسكِكِ بعائلتِكِ ومستقبلك مع زوجِك، لكن - يا ابنتي - أنتِ تحتاجين أن تفهمي كيف يُفَكِّر زوجُكِ؟ ومن أين يُمكِن لكِ الولوجُ لصيغةٍ للتفاهم معه؟
بدايةً شعرتُ - ومن خلال كلماتك - أنكِ تتعاملين معه كمحقِّق في الشرطة، تبحثين عن دليلِ الإدانة وهو متَّهم، حتى تَجِدي ما يقرُّ به قلبكِ، وتهدأ إليه نفسُكِ من دليل براءة، وهذا خطير جدًّا؛ لأنه يهدمُ السكونَ والأمان اللذين تحتاجهما كلُّ عائلة سوية.
المرأة - يا ابنتي - تنتهي أحلامُها بالزواج؛ لتحقِّق ما حلمتْ به مِن قبلُ، لكن بالنسبة للرجل - يا ابنتي - فالزواج هو محطةٌ على الطريق، وجزء مِن حياته، وليستْ كل الحياة كما تحلم الفتاة، وتزداد الأمور سوءًا لو كان يعيش في بيئة تَنظُر إلى المرأة على أنَّها فقط للمطبخِ وتربية الأولاد، وهذا ما فهمته على أن هذه بيئة زوجِك.
وهنا يأتي دَورُكِ أنتِ في التغييرِ، لا على طريقة إعلانٍ للحرب؛ فإمَّا ما أُرِيد، أو أحارب كلَّ شيء تريد! هنا مسؤوليتكِ في الترفُّق به، والتدرُّج في الحصول على مطالبِكِ، لكن دون إلحاحٍ، ودون قصفٍ واشتباكات، ولو أحسنتِ استخدامَ ما وضَعَه الله - سبحانه - في الأنثى؛ لوصلتِ إلى مبتغاكِ بسهولة، لكن بكثير مِن الصبر.
إنَّ الرجلَ الشرقي لا يتخلَّى عن أصدقائه فجأةً، فهذا كان يُمَثِّل له حياة، ويعتبر مِن قلة الوفاء وانعدام الرجولة التخلِّي عن أسلوبه في الحياة لزوجته، الذي تربَّى أصلًا على أنها للمطبخ، وما دامتْ هي تأكل وتلبس، فلا بد وأنها سعيدة، وهذا خطأ شائع مع الرجال العرب، وليس زوجك وحده، وهنا يأتي دَوْر غريزة وذكاء المرأة.
وإليكِ اقتراحات لعلها تُرضِيكِ وترد عليكِ أنفاسكِ:
• عُودِي إلى بيتِكِ فورًا، وإياكِ أن تتركِي مكانكِ فارغًا؛ فيعتاد غيابَكِ.
• توقَّفي عن تقمُّص شخصية المحقِّق في متابعته، والمقارنة بين أقواله وأقوال عائلته، بل لا تسألي أحدًا شيئًا عنه، ولا تفتحي الباب للقيل والقال.
• توقَّفي عن تفتيش جوَّاله، ومتابعة ما يحدث معه وله، فأنا نفسي شعرتُ بالاختِناق، الرجلُ يُرِيد فراغًا خاصًّا به يلتقط به أنفاسه.
• لا تفشي سرَّه مهما كان صغيرًا، ولا حتى لأمِّك أو أمِّه؛ فيصبح حذرًا معكِ ويبتعد عنكِ.
• تعلمي أن ترسلي رسالة نصيَّة خلال النهار أنك مُشتاقة له، أو أنك تفكرين فيه، ولا بأسَ لو اشتريتِ باقةً من وردٍ ووضعتِها أمامه على الطاولةِ؛ لتشربي قهوةً معه، وأنتِ في زينتكِ، وتجنَّبي نقل أخبار هفوات العائلة والأصدقاء له، بل اجعلي الجلسة خاصةً له.
• بين فترة وأخرى اشتري له هديةً صغيرة، ولا يهم إن كانتْ غير ثمينة، المهم أن تشعريه أنه في بالكِ.
• حَاوِلي أن تخرجي معه - ولو يومًا في الشهر - لعشاء خارج البيت، ولو كان (سندويش) أو شرب قهوة، أو حتى للمشي فقط.
• عندما يأتي من العمل هشِّي له، وقابليه بابتسامةٍ، وتعلَّمي أن تُغَيِّري ملابسَ المطبخ قبل قُدومِه، وتعطَّري له؛ فهو زوجُكِ، ولا تستقبليه بوابلٍ من الأسئلة؛ فهذا ينفِّره منكِ.
• ما رأيكِ أن تتَّفِقي معه على يومٍ كامل لكِ، وكل الأسبوع له؟
• اجعَلِي هذه الليلة فعلًا مثل أيامِ ألف ليلة وليلة؛ فتأنَّقِي وتجمَّلي له، ولا تحدثيه في شيءٍ يُضَايقه، وتعلَّمي الإنصاتَ حتى يرتاح لكِ، ويفضفض عن قلبه لكِ ومعكِ.
• لا تسأليه: أين ستذهب؟ ومتى ترجع؟ واتركيه الآن، وسترين أنه بعدما يهدأُ سيعودُ وحده؛ لأنه لن يعتبركِ تهديدًا لرجولته.
• أَشعِريه أنه هو دائمًا السيد وكلمته النافذة.
يا ابنتي، عندما تتحدِّينه وتتابعينه يشعر أنكِ رجلٌ مثله وندٌّ له، بينما الأنوثة - في رأيه - تمثِّل الخضوع والرقَّة، ودَعِيه يأنس بكِ، واعلمي - يا ابنتي - أنكِ برقَّتكِ وعذوبتكِ وهدوئك تستطيعين تحصيلَ أضعاف ما تحصلينه بالمعركة معه وهو راضٍ؛ لأنَّ رجولته لم تمسَّ، وأرجو أنك قد فهمتِ مني .